من سعد الحصيّن إلى عبد المالك بن أحمد رمضاني، زاده الله من فضله وحمّده العاقبة في كلّ أمره ونصر به دينه.
سلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أمّا بعد: فجزاكم الله خير الجزاء وأجزل لكم الثواب على ما تفضّل به عليكم من تأليف هذا العدد المفيد من الكتب والرسائل التي تبيّن وجه الحقّ وتذبّ عن منهاج النّبوّة في الدّين والدّعوة إليه، وتفضح زيف المناهج المبتدعة التي قاد إليها الجهل والهوى بينما يحسب أهلها أنهم يحسنون صنعاً، وقد ميّزك الله على كلّ من عرفت اهتماماً وجرأة وقدرة ونشاطاً ودقّة وصَدْعاً بكلمة الحقّ في وجه كلّ لائم.
وحسبت أنّ خير مؤلّفاتكم وكلّها خير:
(مدارك النّظر في السيّاسة)، وسرّني أن وافق حكمي عليه بأنه (خير ما كُتِب في بابه) حكم الألباني رحمه وألفاظه قبلي دون أن أعلم به أو بها.
ولكنّ من عادتي إذا أعجبني كاتب أوكتاب وشكرت الله على نعمته عليه وبه أن أتذكّر قول الله تعالى:
{ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافاً كثيراً} ثم أحاول بيان ما خُيِّل إليّ من الإختلاف فيه براءة للذّمة وبُعْداً عن التّعصّب:
1) بدالي من قراءة آخر ما وصلني منكم أثابكم الله:
(رفع الذّلّ والصّغار) أنّ الإلتزام بالسّجع في عنوان الكتاب أو ثناياه التزام بما لا يلزم وما لم يسبقنا إليه أئمّتنا في القرون المفضّلة، بل عُدّ من سيّئات البدع اللغويّة.
2) تعوّدنا من فضل الله عليكم وفضله بكم تميزكم بالإستدلال بنصوص الوحي كما فهمها سلفنا الصالح في القرون الخيّرة ولذلك بدا لي نشازاً الإستدلال بمثل: (ذُكر لي) ص 75 ومثل: (ذَكَر لي أحدهم) ص 92، أو الحكم على الملايين بفعل أو قول أو خُلُق أحدهم أو بعضهم.
3) لم أجد فيما كتبتم دليلا ً صريحاً من الكتاب أو السنّة ينهى عن مدح بعض ما في غير المسلمين من صفات طيّبة
(أمّا مدحهم مطلقاً أو موادّتهم أو اختيار ما شرعوه بغير إذن الله ـ في الإعتقاد أو العبادة أو المعاملة ـ فلا خلاف في تحريمه).
وأصرح منه قول الله تعالى: {وجعلنا في قلوب الذين اتّبعوه رأفة ورحمة}، وقوله تعالى:
{لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدّين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبرّوهم وتقسطوا إليهم} وقوله تعالى:
{ولا يجرمنّكم شنآن قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتّقوى}، وفي صحيح مسلم قول عمرو بن العاص رضي الله عنه لمّا سمع برواية المستورد القرشي لحديث: (تقوم الساعة والرّوم أكثر النّاس):
(إنّ فيهم لخصالاً أربعاً: إنّهم لأحلم النّاس عند فتنة، وأسرعهم إفاقة عند مصيبة، وأوشكهم كرّة بعد فرّة، وخيرهم لمسكين ويتيم وضعيف، وخامسة حسنة وجميلة: وأمنعهم من ظلم الملوك).
وصَدَقْتم: اتّباع ما أوردتم من أدلّة، يقضي بالجمع بين مدحهم بما فيهم من خير دنيوي وبين ذمّهم بما فيهم من فساد دينيّ، بل وبيان تتبّع أكثر المسلمين أسوأ بدعهم في الدّين: بناء المساجد على القبور ودعاء الأنبياء والصالحين ووثنيّة المقامات والمزارات والمشاهد، وأخشى أن يكون المنتمون للإسلام والسّنة اليوم أسوأ الجميع في فلسطين والعراق ومصر والسّودان والمغرب العربي (وخيره الجزائر بفضل الله على جمعية العلماء المسلمين وفضله بها) وفي بلاد شبه القارّة الهندية وغيرها، بل أعرف أنهم كذلك هداهم الله.
وقد وقعت في التذكير بذلك بعد أن وقفت عليه هنا وهناك لعلّ مسلماً يقول:
{يا ويلتى أعجزت أن أكون مثل هذا الغراب فأواري سوأة أخي} إذا علم بما سُبِقَ به من خير، أو لعلّه يتجنب سبيل الغراب في الشرّ. وفقكم الله.
سعد الحصيّن
1429/7/1
|